أخر الاخبار

شرح متن الجزرية: باب الرّاءات وأحكامها في التجويد

 يُعدّ علم التجويد من أشرف العلوم الشرعية، إذ به يُصان كلام الله تعالى من اللحن والتحريف. ومن أبرز أبواب هذا العلم باب الرّاءات الذي خصّه الإمام ابن الجزري بذكر مفصّل في منظومته الجزرية، نظرًا لكثرة أحكامه وتنوعها. 

فالراء قد تُفخم في مواضع وتُرقق في أخرى، ولها حالات مترددة بين التفخيم والترقيق تحتاج إلى ضبط دقيق وفهم عميق. ودراسة هذا الباب تعين القارئ على إتقان مخارج الحروف وصفاتها، وتحقيق التلاوة الصحيحة كما نزل بها الوحي.


شرح متن الجزرية: باب الرّاءات 

باب الراءات


قال الناظم؛ رحمه الله:


حالات ترقيق الراء

حالات ترقيق الراء

أجمل الإمام ابن الجزري حالات الراء في ثلاثة أبيات؛ فذكر حالات الترقيق باعتبارها أربع حالات وأقل من حالات التفخيم، وذكر حالة من حالات جواز الوجهين وما عدا ذلك فالراء مفخمة.


ولم يذكر ابن الجزري هنا بعض حالات ترقيق الراء؛ ولم يذكر إحدى حالتي جواز الوجهين ولكنه ذكرها في كتابه النشر باستفاضة للقرّاء العشر وليس لحفص وحده.


-> الراء تُفخّم في 8 حالات. وترقّق في 4 حالات؛ ويجوز فيها الوجهان في حالتين 2.


وبشكل عام:


  • - الفتحة وأمٌّ الفتحة (الألف) والضمة وأمٌّ الضمة (الواو) يوجبون التفخيم في الراء.


  • الكسرة وأمٌّ الكسرة (الياء) توجبان الترقيق.


  • وكما ذكرنا سابقًا فإن الراء المفخمة والمرققة تخرج من طرف اللسان، لكن يصاحب الراء المفخمة ارتفاع مؤخرة اللسان وتقعر لوسط اللسان. كما أنّ لسان المزمار يرجع إلى الوراء قليلا فيُحدث تضيق في الحلق «الرَّحمن» «الرّحِيم» «رَمَضَانَ»، «(كَفَرُوا».

  • بينما في الراء المرققة نجد أن مؤخرة اللسان لم ترتفع ولم يتقعر وسط اللسان، وأن لسان المزمار لم يرجع إلى الخلف؛ ومن ثمّ لم يَحدث تضيّق في الحلق «الرِّيحَ» «كريم»، «الرِّبوا» «الرِِّجَال».


أحكام الراء


تفخم الراء في 8 حالات وترقق في 4 حالات ويجوز فيها الوجهان في حالتين 2.


حالات تفخيم الراء


1- إذا كانت الراء مفتوحة «رَمَضَانَ».


2 إذا كانت الراء ساكنة وقبلها مفتوح  «مَرْيَمَ».


3- إذا كانت الراء ساكنة وقبلها ساكن غير الياء وقبله مفتوح «وَالْفَجْر» «النَّار».


4- إذا كانت الراء مضمومة «رُحَماءُ».


5- إذا كانت الراء ساكنة وقبلها مضموم «الْقُرْءَانُ».


6- إذا كانت الراء ساكنة وقبلها ساكن وقبله مضموم «خُسْر» «غَفُور».


7 إذا كانت الراء ساكنة وقبلها مكسور وبعدها حرف استعلاء غير مكسور في الكلمة نفسها (وإِرْصادًا)، (قِرْطاسٍ)، (فِرْقَةٍ)، (مِرْصادًا)، (لَبِالْمِرْصاد)، ولا يوجد في القرآن الكريم غيرها. 


وإلى هذا أشار ابن الجزري بقوله: "إِنْ لَمْ تكنْ مِنْ قَبْلِ خَرْفِ استِعْلا".


8- إذا كانت الراء ساكنة وقبلها كسرة عارضة (كسرة همزة الوصل دائمًا عارضة يؤتى بها للتمكن من البدء بالساكن) ملفوظة «ارْجِعْوَا»؛ «ارْكَبُوا» أو مقترة «ربِّ ارْجِِعونِ» «الَّذي ارْتضى» «أمِ ارْتابوا».


وإلى هذا أشار ابن الجزري بقوله: "أو كَانَت الكَسْرَةٌ ليْسَتْ أصلا".


حالات ترقيق الراء


1- إذا كانت الراء مكسورة كسرًا أصليًا «كَريمٍ» «رِّبا» «رِيحٌ» أو عارضً لالتقاء الساكنين «وذرِ الَّذين» «واذكُرِ اسْمَ ربِّك».


وإلى هذا أشار ابن الجزري بقوله: "وَرَفق الرَّاءَ إذا ما كُسِرَتْ". (ما) زائدة لتوكيد المعنى.


2- إذا كانت الراء ساكنة وقبلها كسرة أصلية وليس بعدها حرف استعلاء «فِرْعَوْنَ».


-> وإلى هذا أشار ابن الجزري بقوله: "كَذاكَ بَعْدَ الْكَسْرِ حَيْثُ سَكَنتْ".


3- إذا كانت الراء ساكنة وقبلها ساكن غير مستعل وقبله مكسور «حِجْر» «سِحْر» «قَدير» «بَشِير».


4 إذا كانت الراء ساكنة وسُبِقت بياء لين (خَيّر) (لا ضَيْر) أو ياء مدية (قَدِير) (بَشير).


ملاحظة


قرأ حفص كلمة «مَجْراهَا» في سورة هود آية 41 بإمالة الألف إمالة كبرى، وعلى هذا تكون الراء مرققة.


وكما قلنا يصاحب الراء المفخمة تقعر لوسط اللسان وتضيّق في الحلق بخلاف المرققة.


حالتان يجوز فيهما التفخيم والترقيق


1. عند الوصل وعند الوقف عليها بالروم


1. عند الوصل وعند الوقف عليها بالروم: كلمة واحدة في كتاب الله تعالى يجوز فيها الوجهان. كلمة فِزق: (فَكَانَ كَُلُّ فِرْقٍ كالطَّوْدِ ألْعَظِيم) [الشعراء: 83].


  • الوجه الأول: الراء ساكنة سُبِقت بكسر وبعدها حرف استعلاء مكسور؛ الكسر أضعف الاستعلاء فحقها الترقيق.


  •  الوجه الثاني: الراء ساكنة سُبِقت بكسر، وجاء بعدها حرف استعلاء مكسور والصحيح أن الكسرة لم تلغ الاستعلاء، وإن أضعفت أثره؛ لذا تفخم الراء فكان حقها التفخيم.


فمن رقق الراء قال: "إن الكسرة في القاف أبطلت قوتها".


ومن فخم الراء قال: "إن الكسر يضعف حرف الاستعلاء ولكن لا يبطل أثر الاستعلاء".


وإلى هذا أشار ابن الجزري بقوله: "والخُلْفُ في فرقٍ لِكَسْرٍ يُوجَد".


ِ أما عند الوقف على «فِرْقٍ» بالسكون. ففي الراء التفخيم لا غير لزوال موجب الترقيق، وهو كسر حرف الاستعلاء (القاف).


2. عند الوقف


2. عند الوقف: كلمتا القطر، مصر .


  • الوجه الأول: الراء ساكنة وقبلها حرف استعلاء ساكن وقبله حرف مكسور فحق لها الترقيق بسبب الكسر الذي سبق الساكن.


  •  الوجه الثاني: الراء ساكنة وقبلها حرف استعلاء مطبق ساكن وقبله حرف مكسور إلا أن حرف الاستعلاء المطبق الذي سبق الراء أثّر فيها فكان حقها التفخيم.


  • واختار الإمام ابن الجزري؛ في كتابه النشر، وجه التفخيم في «مِّصْرَ» ووجه الترقيق في «الْقِطْرِ» مراعاة لحركة الراء في حال الوصل.


  •  أما في حالة الوصل فإن الراء مفخمة في: «مِّصْرَ» لأنها مفتوحة. ومرققة في: «الْقِطْرِ» لأنها مكسورة.


وأَخْفِ تَكْريرًا إِذَا تُشَدَّدُ


وقد حذر ابن الجزري القارئ هنا من المبالغة في التكرير المؤدي إلى ظهور أكثر من راء، لأنَّ الإنسان أكثر ما يخطئ في حال التشديد ليحن (الرَّحمنِ الرَّحيمِ).


التكرير


تقدم أنَّ التكرير: صفة من صفات الراء وهو ارتعاد طرف اللسان بالراء ارتعاداً خفيًا نتيجة لضيق مخرجها. وعند نطق حرف الراء لا بد من أن تكون هناك فرجة لخروج الصوت (وهو صمام الأمان لخروج الحرف).


قال العلَّامة الأندلسي الكبير مكيّ بن أبي طالب القيسيّ: "يجب على القارئ إخفاء تكرير الراء فمتى أظهر التكرير جعل من الحرف المشدّد حروفًا، ومن المخفف حرفين".


ختاما


اب الرّاءات من أهم أبواب التجويد التي ينبغي للقارئ أن يوليها عناية خاصة، فهو يميز بين التلاوة الصحيحة والمشوبة بالخطأ. وقد وضح الإمام ابن الجزري – رحمه الله – قواعد هذا الباب في نظمه، 

ليكون مرجعاً للأمة في تعلم أحكام التلاوة وضبطها. ومن خلال الالتزام بهذه القواعد يتقرب العبد إلى الله تعالى بتلاوة كتابه على الوجه الأكمل، مقتدياً بالرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام في حسن الأداء وإتقان القراءة.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -