إنّ علم التجويد هو العلم الذي يُعنى بضبط مخارج الحروف وصفاتها، حفاظاً على سلامة الأداء القرآني من اللحن والتحريف. ومن أبرز المخارج التي أفاض العلماء في الحديث عنها: مخرج الشفتين.
الذي تخرج منه بعض الحروف التي لا يمكن الاستغناء عنها في اللغة والقراءة، مثل الفاء والباء والميم والواو. كما أنّ هناك مخرجاً متميزاً لا يرتبط بموضع ظاهر في الفم أو اللسان.
وهو الغنة، التي تخرج من الخيشوم وتمنح الصوت رخامةً وجمالاً خاصاً. وفهم هذين المخرجين يُعين القارئ على تحقيق الأداء الصحيح، ويكشف عن جانب من الإعجاز الصوتي في القرآن الكريم.
مخرج الشفتين ومخرج الغنة في التجويد: وضوح الحروف وجمال التلاوة
.......... ومن بطن الشَقَُة فَالقَا مَعَ اطرافٍ الثَّنَايا المُشرقَة
الشفتان
الشفتان : مخرج عام لمخرجين خاصين يخرج منهما أربعة حروف.
بطن الشفة
بطن الشفة: يعني باطن الشفة وهو الجزء الذي لا يُرى من الشفة إذا أطبق الإنسان فمه بشكل معتدل، والجزء المرئي اسمه ظاهر الشفة.
الثنايا المشرفة
الثنايا المشرفة: الثنايا العليا.
15. مخرج الفاء
15. مخرج الفاء: تخرج من باطن الشفة السفلى، (الحد الفاصل بين الظاهر والباطن) مع أطراف الثنايا العليا (افْ).
ولا بد من ضغط ومن صوت يسمع عند نطق حرف الفاء.
16. لِلسَْفْتِينِ الوا بَاءٌ مِيم
16. لِلسَْفْتِينِ الوا بَاءٌ مِيم: تخرج من الشفتين ثلاثة أحرف هي:
الواو غير المدية
الواو غير المدية: تخرج بانضمام الشفتين إلى الأمام وبقاء فرجة يمر منها الصوت مع ارتفاع في أقصى اللسان.
الباء
الباء: تخرج بانطباق الشفتين على بعضهما واللسان في وضع الراحة.
الميم
الميم: تخرج بانطباق الشفتين ويصاحب ذلك غنة من الخيشوم.
سمى العلماء الجزء الشفوي من الميم: النصف المكمَّل.
- وسموا الجزء الخيشومي: النصف المكمِّل.
المنطبق من الشفتين عند الباء هو الطرف الذي يلي الداخل للفم؛ والمنطبق من الشفتين عند الميم هو الطرف الذي يلي البشرة.
تسمى هذه الحروف حروف شفهية أو شفوية وكلاهما صحيح وذلك نسبة إلى خروجها من الشفتين.
17. وغْنة
....................... وغْنة مَحْرَجْهَا الخَيِشُومْ
العنة
17. وغْنة: الغنة هي صوت يخرج من الخيشوم (التجويف الأنفي) وتكون مصاحبة للنون والميم في كل أحوالهما (الساكنتين المظهرتين والمدغمتين والمقلوبتين والمخفاتين والمتحركتين)؛ إلا أن طولها يختلف بحسب وضعهما.
وسيأتي تفصيلها لاحقًا في بحث أزمنة الغنن.
مَحْرَجْهَا الخَيِشُومْ
مَحْرَجْهَا الخَيِشُومْ: وكما قلنا فإن تعريف الخيشوم هو: تجويف خلقه الله عزّ وجلَ خلف الأنف فوق غار الحنك إلى الفتحة الأمامية له تجاعيد من الداخل يخرج منه صوت رنين يسمى الغنة مع حرفي النون والميم.
ومخرج الخيشوم مخرج مقدّر.
تنبيهات
- الغنة أصل في حرفين لا ثالث لهما هما (الميم والنون) فهي النصف المكمِّل للنون والميم؛ لذا فهي حرف من حيث كونها جزءًا منهما.
- كما أن طول زمنها يختلف طولًا وقصرًا بحسب حكمها من إظهار أو إدغام أو إخفاء أو حركة أو سكون؛ فهي من هذه الزاوية صفة والله أعلم.
- الغُنة تجري في الخيشوم كجريان المد في الجوف ولكن يختلفان في أمور:
1. أن حروف المد تمنع الإدغام فيما يماثلها بخلاف حروف الغنة حيث تدغم فيما يماثله.
2. أن الغنة صفة ذاتية في النون والميم؛ أما المد فصفة ذاتية في حروفه في حالة (المد الطبيعي) وعرضية في حالات أخرى (كالمد المتصل والمنفصل).
- ويتفقان في أن ميزان الغنن يعتمد على المشافهة والأخذ عن الشيوخ؛ وكذلك المد.
إلى هنا انتهت مخارج الحروف الأساسية الأصلية؛ أمّا الأحرف الفرعية كما قلنا في الفصل الأول ما هي إلا أحرف فصيحة تخرج من بين حرفين أصليين وتترد بين مخرجين يتعلق بهما الحرف الفرعي.
سميت هذه الحروف الأصلية بحروف الهجاء وحروف المعجم وحروف المباني والحروف العربية؛ واللغة العربية من أوسع اللغات مخارجًا فقد انفردت بالظاء والطاء والصاد والضاد والعين والقاف.
جدول ألقاب الحروف
ختاما
إن إدراك القارئ لمخرج الشفتين والغنة يعكس عمق معرفته بعلم التجويد، ويؤثر تأثيراً مباشراً في جودة التلاوة وصفائها. فالشفتان بما تحمله من مرونة في إخراج الأصوات.
والغنة بما تضفيه من نغمة رنانة تميز بعض الحروف، يمثلان ركنين أساسيين في إبراز جمالية القرآن الكريم صوتياً. ومن هنا تتضح الحاجة إلى العناية بتعلم هذين المخرجين، كما وضح ابن الجزري.
وتطبيقهما في التلاوة العملية، لتبقى القراءة القرآنية كما في مقدمة الجزرية، على الوجه الذي نزل به الوحي، نقيةً خالصةً، تلامس القلوب قبل الآذان.
شرفنا بوضع تعليقك هنا، وعند أي استفسار سيتم الرد عليك بأسرع وقت ممكن بإذن الله.