يُعَدّ علم التجويد من العلوم الشرعية الدقيقة التي وُضعت لحفظ كتاب الله تعالى من التحريف والخطأ، حيث يعتني بضبط مخارج الحروف وصفاتها ضبطاً يوافق ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد قسّم العلماء صفات الحروف إلى قسمين: صفات لها ضد وصفات ليس لها ضد.
والغاية من ذلك التوضيح والتمييز. والصفات التي لا ضد لها تُعطي الحروف خصائص فريدة تميزها عن غيرها، وتضفي على النطق بهاءً وحُسناً. والصفات: اللين، الانحراف، التكرير، التفشي، الاستطالة، الغنة، والخفاء سنوضحها بشكل مبسط.
الصفات التي لا ضد لها اللين الانحراف التكرير التفشي الاستطالة الغنة الخفاء
الصفات التي ليس لها ضد التي سنتطرق لها اليوم هي، اللين الانحراف التكرير التفشي الاستطالة الغنة الخفاء ولكل منها أثر خاص في النطق.
3.اللين
صغيرها صَادٌ وزايٌ سِينُ فلقلة (قطب جد) والِّلينُ
واوٌ وياءٌ سُكِّنا وانْفَتحا فَبْلَهُما والانْحِرَافُ صُحِّحَا
هي صفة أطلقت على الواو والياء الساكنتين المفتوح ما قبلهما بسبب سهولة جريهما في المخرج؛ وهي صفة لا تحتاج إلى دِراية وإنما هي وصف لهذين الحرفين. نحو: (قُرَيْش) (خَوْف).
وانفتحا
وانفتحا: الألف للإطلاق وليست للتثنية؛ (الإطلاق إشباع الحركة من أجل الشعر؛ أشبعت الفتحة ليتولد منها ألفٌ لفظية)؛ و(انفتح) يعني انفتح الحرف الذي قبل الواو والياء الساكنتين.
كيف يأتي الحرفان الواو والياء؟
- الحرفان الواو والياء: يأتيان متحركين (وَ، وُ، وِ) (يَ، يُ، يِ).
الواو
- الواو المتحركة تخرج من الشفتين، والياء المتحركة تخرج من وسط اللسان.
- إن سكنت الواو فثمة احتمالان للحرف الذي قبلها:
1. أن يأتي قبل الواو الساكنة مضموم (قُولُوا) وهذا اسمه حرف مد ولين.
2. أن يأتي قبلها مفتوح (قَوْل)، (غَوْل)، (خَوْف) وهذا اسمه حرف لين.
الياء
- وكذلك إن سكنت الياء فهناك احتمالان للحرف الذي قبلها:
1. أن يأتي قبل الياء الساكنة كسرة (نَسْتَعين)، (الرَّحِيم) وهذا اسمه حرف مد ولين.
2. أن يأتي قبل الياء الساكنة فتحة (الْبَيْت) وهذا اسمه حرف لين.
4. الانحراف
واوٌ وياءٌ سُكِّنا وانْفَتحا فَبْلَهُما والانْحِرَافُ صُحِّحَا
في اللامِ والرَّا وبِتَكْريرٍ جُعِلْ ولِلتَّفَشِّي الشِّينُ ضادًا اسْتَطِلْ
هو ميل صوت الحرف لعدم كمال جريانه بسبب اعتراض اللسان طريقه.
ما هما حرفا اللين؟
وحرفاه: اللام والراء.
ما الفرق بين انحراف اللام والراء؟
الفرق بين انحراف اللام والراء:
1- يكون انحراف صوت اللام إلى جانبي طرف اللسان لاعتراض الطرف طريق اللام.
فيسمع صوت اللام في مخرج الضاد أي مما يلي الضاحكتين.
2- أما انحراف الراء فبالعكس: ينحرف الصوت بها من جانبي طرف اللسان إلى وسطه.
وانحراف الراء يكون في مخرجها حيث يكون الاتكاء على حافتي الطرف بقوّة حتى نسمع صوت الجهر، ونتجنّب الهمس خاصة في الراء المرققة.
قال علماء التجويد إن اللام فيها انحراف كثير (لأن الانحراف إلى مكانين هما يمين ويسار اللسان) وإن الراء فيها انحراف قليل (لأن الانحراف إلى مكان واحد وهو وسط اللسان).
5.التكرير
هو ارتعاد طرف اللسان بالراء ارتعادًا خفيًا نتيجة ضيق مخرجها. وليحذر القارئ من المبالغة في التكرير المؤدي إلى ظهور أكثر من راء. هذه الصفة ذكرت لتجنب المبالغة فيها.
ولنتخلص منها لا بد لنا من إبقاء فجوة في وسط اللسان ليمر منها قليل من الصوت.
ما هي العيوب المصاحبة لنطق الراء؟
من العيوب التي يمكن أن تكون مصاحبة لنطق الراء:
1. مجافاة اللسان عن مخرج الراء مما يؤدي إلى صوت فموي عائم وهذا غير صحيح.
2. قفل مخرج الراء قفلًا تامّا، مما يؤدي إلى ارتعاد طرف اللسان وخروج أكثر من راء وتحوُّل الراء من حرف بيني إلى حرف شديد.
لذلك يجب نطق الراء نطقًا صحيحًا بأن يكون طرف اللسان من اليمين واليسار ملتصقًا بالحنك الأعلى ويبقى في الوسط فجوة ضئيلة يمر منها صويت؛ وهذه الفجوة هي التي تمثل صمام الأمان بالنسبة لحرف الراء.
6. التفشي
في اللامِ والرَّا وبِتَكْريرٍ جُعِلْ ولِلتَّفَشِّي الشِّينُ ضادًا اسْتَطِلْ
هو انتشار صوت الشين من مخرجه حتى يصطدم بالصفحة الداخلية للأسنان العليا والسفلى.
وله حرف واحد وهو الشين فقط.
7. الاستطالة
هي اندفاع اللسان؛ عند نطق الضاد؛ من مؤخرة الفم إلى مقدمته حتى يلامس رأس اللسان أصول الثنيتين العليين، وذلك تحت تأثير الهواء الضاغط خلف اللسان.
ملاحظة
ملاحظة: اللسان يلامس مقدمة الفم (عند أصول الثنيتين) ويتكئ ويضغط على الصفحة الداخلية للأضراس العليا.
ففي حرف الضاد: صوت يجري ويعطي صفة الرخاوة؛ ولسان يجري يعطي صفة الاستطالة.
-> إذن فالاستطالة هي حركة اللسان والرخاوة هي الزمن الذي يستغرقه جريان الصوت.
وهذه الصفة انفرد بها حرف الضاد؛ وبما أن الاستطالة صفة لازمة فهي لا تنفصل عن الحرف في حال حركته؛ ولكن الاستطالة في المتحرك سريعة ولا تكاد تلحظ.
8. الغنة
الغنة من حيث كونها صفة: هي صفة للنون والميم؛ تحركتا أو سكنتا، ظاهرتين أو مدغمتين أو مخفاتين؛ إلا أن طولها يختلف بحسب وضعهما (وهذا هو الصفة) كما سيأتي في بحث أزمنة الغنن في باب أحكام الميم والنون الساكنتين.
وكما ذكرنا سابقًا الغنة: هي صوت يخرج من الخيشوم (التجويف الأنفي).
وهي صفة تمتاز عن بقية الصفات بأنَ لها مخرجًا مستقلًا باعتبارها جزءًا من النون وجزءًا من الميم؛ فالغنة صفة لها مكان تخرج منه
النون
في النون: اللسان يقرع مخرج النون ويصاحبه غنة من الخيشوم (أنْ).
وَسْمَى الجزء اللساني من النون: النصف المكمَّل والجزء الخيشومي: النصف المكمِّل.
الميم
في الميم: الشفتان تقرع إحداهما الأخرى ويصاحبه غنة من الخيشوم (أم).
وَسْمّى الجزء الشفوي من الميم: النصف المكمَّل والجزء الخيشومي: النصف المكمِّل.
9. الخفاء
ويجدر الذكر أن صفة الخفاء لم يذكرها الناظم رحمه الله؛ في منظومته؛ ولكن عدّها العلماء من الصفات الزائدة الهامة.
لغة
لغة: الاستتار.
اصطلاحًا
اصطلاحًا: ضعف التصويت بالحرف.
حروفه
حروفه أربعة هي: الهاء وحروف المد الثلاثة.
ما هو وجه اتصافها بالخفاء؟
ووجه اتصافها بهذه الصفة أنها تخفى في اللفظ إذا اندرجت بين الحروف. وسبب خفاء الهاء أن كل صفاتها ضعيفة ولذا تقوى بالصلة إن كانت ضميرًا مذكرًا غائبًا، أما سبب خفاء حروف المد فهو اتساع مخرجها؛ ولذا تقوى بزيادة المد فيها بسبب الهمزة أو السكون.
ختاما
إن الصفات التي لا ضد لها من أهم ما يجب على قارئ القرآن الكريم معرفته وإتقانه، فهي مفاتيح لإخراج الحروف على أكمل وجه، وتساعد على التمييز بين الحروف المتشابهة في المخارج أو الصفات.
وبإتقان هذه الصفات يكون القارئ أقرب إلى الأداء الصحيح والقراءة المتقنة، التي هي غاية التجويد ووسيلته لحفظ كتاب الله من التحريف والتغيير.
شرفنا بوضع تعليقك هنا، وعند أي استفسار سيتم الرد عليك بأسرع وقت ممكن بإذن الله.