أخر الاخبار

شرح متن الجزرية: باب المقطوع والموصول

يُعَدّ باب المقطوع والموصول من الأبواب الدقيقة في علم رسم القرآن الكريم وتجويده، حيث يميز بين الكلمات التي يُكتب بعضها متصلًا وبعضها منفصلًا، وذلك استنادًا إلى ما ورد في المصاحف العثمانية وروايات القراء. 


وتكمن أهمية هذا الباب في صون القرآن الكريم من التحريف أو التغيير في المعنى، لأن الوصل أو الفصل في مواضع معينة قد يغير دلالة الكلمة أو السياق.


باب المقطوع والموصول في متن الجزرية: ضبط الكلمات وحفظ الرسم القرآني


بعد أن أنهى الإمام ابن الجزريّ باب الوقف والابتداء أتبعه بثلاثة أبواب لها علاقة بالوقف أتى بها من علم رسم المصاحف الذي يُعنى بكيفية رسم حروف القرآن بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وبحضوره ورضاه والوحي حاضر. ولو كان ثمّة خطأ فإنَّ الوحي يُنَبَّه عليه؛ كما قال تعالى: 

الحاقة: 45-44

 أي بيمين الكاتب. وكان ينفضّ المجلس النبوي والنبي صلى الله عليه وسلم راض عن القطع التي كانت تكتب بين يديه.


الأصل في الكتابة العربية فصل الكلمات بعضها عن بعض، إلا أن بعض الكلمات في القرآن العظيم كُتبت في بعض المواضع موصولة (أَلاَّ) على نية الإدغام وفي مواضع أخرى كُتبَت مقطوعة على الأصل (أن لاَّ).


ومنها ما رُسم موصولًا لكثرة تواليهما نحو: (بِئْسَمَا) فإنَّ أصلها (بِئْسَ مَا) أو (لِكَيْلاَ) وأصلها (لِكَيْ لاَ).


 تعريف المقطوع


 تعريف المقطوع: هو كل كلمة مفصولة عما بعدها في رسم المصاحف العثمانية.


تعريف الموصول


تعريف الموصول: هو كل كلمة متصلة بما بعدها رسمًا في المصاحف العثمانية.


كيفية الوقف على الكلمات الموصولة رسمًا


القرّاء العشرة بما فيهم حفص عن عاصم متفقون على اتباع المصحف من حيث المقطوع والموصول؛ فما رُسِم موصولًا من كلمتين فلا يجوز الوقف على الكلمة الأولى منهما، بل يكون الوقف على الكلمة الثانية مثال: كلما يوقف عليها: (كلَّما)؛ و ألا يوقف عليها:(ألاَّ).


كيفية الوقف على الكلمات المقطوعة رسمًا


إذا كانت الكلمتان في المصحف الشريف مفصولتين نحو: (كلِّ مَا) (أَن لاَّ) فيجوز الوقف على الكلمة الأولى (كلِّ)، (أَن) اضطرارًا أو اختبارًا ولا يُتعمّدُ ذلك؛ لأنه لا يتم المعنى عندها، فإن (كلِّ مَا) يوقف عليها: (كل)؛ أو (كلَّما) و(أَن لاَّ) يوقف عليها: (أن)، أو (ألاَّ). ولا يبتدأ بالكلمة الثانية بل نبدأ بما يصح به البدء.


شرح متن الجزرية


قال الناظم رحمه الله:

المقطوع والموصول

اعرف


اعرف: فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت؛ اعرف يا أيها القارئ مقطوعًا.


لمقطوع


لمقطوع: أصلها مقطوعًا، اللام: حرف جر زائد.


وموصول


وموصول: (الواو) حرف عطف؛ (موصول) اسم معطوف على مقطوع (على اللفظ)؛ ولو عُطف على المحل لقال وموصولا.


وتا


وتا: أصلها وتاء وحُذفت همزتها للوقف, تاء التأنيث؛ ويُقال هاء التأنيث وهو أولى لأنها تلحق الأسماء:

تلحق الأسماء

 بينما تاء التأثيث تلحق الأفعال:

تلحق الأفعال

في المصحف الإمام


في المصحف الإمام: في حرف جر، (المصحف) اسم مجرور، و(الإمام) صفة للمصحف؛ والإمام هو من يُقتدى به. وكُل مصحف أرسله سيدنا عثمان، رضي الله عنه؛ إلى مِصْرٍِ من أمصار المسلمين وعددها سبعة على المشهور هو مصحف إمام؛ لأنّه قد طُلِبَ من الأمّة أن تتبع ما كُتِبَ في هذه المصاحف.


فيما قد أتى


فيما قد أتى: فيما زوي وَنُفِل لنا عبر هذه المصاحف العثمانية.


توضيح فاقطع بعشر كلمات

متن فاقطع بعشر كلمات

اقطع


أصل الكلام: اقطع: (أَن لاَّ) بعشر كلمات أي في عشرة مواضع.

اقطع بعشر كلمات

شرح إن مَّا


تنبيه


تنبيه: اختُلِف في موضع الأنبياء بين الوصل والقطع؛ والقطع أشهر؛ وذلك في قوله تعالى:

شرح إن مَّا

 شرح أَمَّا

شرح أَمَّا

تنبيه


 تنبيه: المقصود هنا (أَمَّا) المركبة من (أم الاستفهامية وما الموصولة)؛ لأنها هي التي تحتمل أن ترسم مقطوعة؛ وليس المقصود (أَمَّا) التي هي حرف شرط وتفصيل فهي حرف واحد لا يحتمل القطع.


شرح عَن مَّا

شرح عَن مَّا

شرح مِن مَّا

شرح مِن مَّا

خُلْفُ المُنَافِقينَ


خُلْفُ المُنَافِقينَ: مُن مَا:

المنافقون 10

وقد اختلف فيها الأئمة بين القطع والوصل؛ والعمل على القطع؛ وما سوى هذه المواضع الثلاثة في (الروم والنّساء والمنافقون) فهي موصولة على نية الإدغام.


شرح أَم مَّنْ

شرح أَم مَّنْ

أم مَنْ


[أم مَنْ]: وردت مقطوعة باتفاق في أربعة مواضع هي:

أم مَنْ

شرح حَيْثُ مَا


 [حَيْثُ مَا]: وردت مقطوعة باتفاق في موضعين فقط في القرآن الكريم؛ وكلاهما في سو ة البقرة.

حَيْثُ مَا

شرح أَن لَم

أَن لَم

شرح إنَّ مَا

إنَّ مَا

شرح أَنَّ مَا

شرح أَنَّ مَا

 أَنَّ مَا


 أن مَا المفتوحة الهمزة وردت مقطوعة باتفاق في موضعين هما:

أن مَا المفتوحة الهمزة وردت مقطوعة باتفاق في موضعين

وخلف الانفال


وخلف الانفال: مختلف في (أنّ ما) المفتوحة الهمزة في موضع الأنفال: 

الأنفال: 41


والعمل فيه على الوصل.


وما عدا هذه المواضع موصول باتفاق.


 تنبيه: وَ(خُلْف) الانفال وَنَحْلٍ وَفَعَا

وَ(خُلْف) الانفال وَنَحْلٍ وَفَعَا

شرح كُلّ مَا

شرح كُلّ مَا

كلَّ مَا


 [كل مَا]: وردت مقطوعة بلا خلاف في سورة إبراهيم [إبراهيم: 34]؛

إبراهيم: 34

 وأشار إليها الناظم بقوله: (سألتموه).


(اختلف) في موضع النساء

النساء: 91


و(اختلف) في موضع النساء، [النساء: 91]؛ وأشار إليه الناظم بقوله: (ردُّوا) والعمل فيه على القطع.


واختلف في ثلاثة مواضع


واختلف في ثلاثة مواضع؛ لم يذكرها الناظم، هي:


1. [المؤمنون: 44]؛ والعمل فيه وفي موضع النساء على القطع.

المؤمنون: 44

2. [الأعراف: 38]؛ والعمل فيه على الوصل.

الأعراف: 38

3. [الملك: 8]؛ والعمل فيه على الوصل.

الملك: 8

الخلاصة


كلّ ما سألتموه اتفق على قطعها في موضع إبراهيم فقط، واختلف بين القطع والوصل في أربعة مواضع:

كلّ ما سألتموه

شرح بِئْسَمَا

شرح بِئْسَمَا

بِئْسَمَا


 [َبِئْسَمَا]: (كَذَا قُلْ بِئْسَمَا) أي: كذلك اختلفت المصاحف في (قُل بِئْسَمَا) وقيد بِئْسَمَا بمجيء قُلْ قبلهما.


والمعنى: اختلف في (بئسما) بين الوصل والقطع؛

اختلف في (بئسما) بين الوصل والقطع


وحدد الآية بقوله: (قل) لانفراد (بئسما) مع (قل) في هذا الموضع فقط؛ والعمل فيه على الوصل.


والوصل صف


والوصل صف: أي صف الموضع الذي سأذكره لك بأنّه موصول.


خلفتموني


خلفتموني: وردت (بئسما) بالوصل في موضع الأعراف. وأشار إليه بكلمة خلفتموني، في قوله تعالى:

الأعراف: 150

اشتروا


اشتروا: ووردت (بئسما) بالوصل في موضع البقرة؛ وأشار إليه بكلمة اشتروا؛ في قوله تعالى: 

وما عدا هذه المواضع فهو مقطوع باتفاق؛ (بئس ما)؛ وقد ورد متصلًا بالفاء (فبئس ما) وباللام (لبئس ما)؛ نحو:

بئس ما


الخلاصة


 [بئسما] في كل القرآن مقطوعة باتفاق سوى ثلاثة مواضع:

بئسم

شرح في مَا

شرح في مَا


فِي مَا


 [فِي مَا]: قوله: (في ما اقطعا) أصلها (اقطعنْ) بنون التوكيد الخفيفة لكن العرب كانوا إذا وقفوا على نون التوكيد الخفيفة قلبوها ألقَا (اقطعا) . (في ما) قطعت في أحد عشر موضعًا وهي المواضع التي ذكرها الناظم؛ رحمه الله.

(في ما) قطعت في أحد عشر موضعًا
في ما اقطعا

وَغَيْرَهَا صِلاَ


وَغَيْرَهَا صِلاَ: صلا: أصلها (صِلَن)؛ بنون التوكيد الخفيفة؛ فعوملت معاملة تنوين النصب فأُبدلت في الوقف ألقا.


أي وغير هذه المواضع الأحد عشر موصولة.


وقيل بوصل المواضع العشرة الأولى المذكورة أعلاه إلا الموضع الحادي عشر وهو موضع (الشعراء) فإنّه متفق على قطعه؛ والعمل على قطعها جميعا، أي المواضع الأحد عشر؛ وما عداها فإنّه موصول.


قال الإمام الشاطبي في العقيلة (منظومة في رسم المصاحف): (وفي سِوَى الشُّعَرَا بالوَصْل بعضُهُمُ).


الخلاصة

الخلاصة

شرح أينما 

شرح أينما

أينما 


[ أينما ]: وردت موصولة في موضعين:


فأينما: الأول: 

البقرة: 115

وأشار إليه بحرف الفاء في قوله:


(فأينما)؛ لأنها انفردت في هذا الموضع متصلة بالفاء.


فالإمام ابن الجزري في هذا الباب وباب ما رُسِمَ بالتاء إِمّا أن يُقيد الكلمة التي يريد الحديث عنها باسم السورة التي هي فيها وإِمَّا أن يقيدها بكلمة قبلها أو بعدها بحيث يخرج ما عداها.


كالنحل: الثاني: 

النحل: 76

صِلْ


(صِلْ): فعل أمر، أي صل (فأينما) في البقرة والنحل.


مُخْتلِف


وَ(مُخْتلِف): ومختلف في ثلاثة مواضع في المصاحف العثمانية التي أرسلها سيدنا عثمان رضي الله عنه إلى البلدان، ففي بعضها مقطوعة وفي بعضها موصولة لكن الإمام ابن الجزري لم يبين لنا العمل على ماذا. 


إلا أن هذا الأمر مذكور في كُتب علم رسم المصاحف التي استلّ منها الإمام ابن الجزري مبحث المقطوع والموصول ومبحث ما رُسم بالتاء المبسوطة لتعلقهما بالوقف والابتداء.


في الشعرا: الأول: 

الشعراء: 93-92

مختلف فيه والعمل على القطع.


الأحْزَاب: الثاني: 

الأحزاب: 61

والِنّسَا: الثالث: 

النساء: 78

والعمل في هذين الموضعين على الوصل.


وما عدا هذه المواضع مقطوع باتفاق نحو:

الحديد: 4

شرح إن لم

شرح إن لم

إن لم


[ ان لم]: وردت موصولة باتفاق في سورة هود:

هود: 14

شرح أَلَّن

شرح أَلَّن

أَلَّن


 [أَلَّن]: وردت موصولة باتفاق في موضعين:


الأول: 

الكهف: 48

وأشار إليه الناظم بكلمة (نجْعَلَ).


الثاني: 

القيامة: 3

وأشار إليها الناظم بكلمة (نَجْمَعَ).


واختلف فيها في موضع واحد. لم يشر إليه الناظم؛ في قوله تعالى: 

المزمل: 20

 والعمل فيه على القطع.


وما عدا ذلك من المواضع مقطوع باتفاق نحو: 

الانشقاق: 14

شرح كَيْلَا

شرح كَيْلَا

كَيْلَا


 [كَيْلَا]: وردت موصولة في أربعة مواضع:

كَيْلَا وردت موصولة في أربعة مواضع

شرح عَن مَّن

شرح عَن مَّن

عَن مَّن


[عَن مَّن]: وردت مقطوعة في موضعين ليس في القرآن غيرهما:

عَن مَّن وردت مقطوعة في موضعين

شرح يَوْمَ هُمْ

شرح يَوْمَ هُمْ

يَوْمَ هُمْ


 [يَوْمَ هُمْ]: يوم مفتوح الميم مع هم الضمير المنفصل المرفوع المحل؛ وهي في القرآن الكريم قسم واحد؛ وقد أجمعت المصاحف على القطع فيه وذلك في موضعين لا ثالث لهما:

القطع في يوم هم

شرح مَالِ

شرح مَالِ

مَالِ


 [َمَالِ]: لام الجر الواقعة بعد ما، وردت بالقطع في أربعة مواضع:

لام الجر الواقعة بعد ما، وردت بالقطع في أربعة مواضع


وما عدا هذه المواضع موصول اتفاقًا نحو: 

نوح: 13

تنبيه

تنبيه

شرح ولاتَ حِينَ

شرح ولاتَ حِينَ

ولاتَ حِينَ


 [ولاتَ حِينَ]: اختلف في قطع التاء عن كلمة (حين) ووصلها بها وقد وردت في موضع واحد في القرآن الكريم في سورة ص في قوله تعالى:

ص: 3

فِي الإِمَام


فِي الإِمَام: أي مصحف عثمان، رضي الله عنه.


وَوُهِّلًَا


وَوُهِّلًَا: أي غُلِّطَ القائل بالوصل.


قال الدكتور أيمن رشدي سويد؛ حفظه الله:


أمر سيدنا عثمان بن عفان، رضي الله عنه؛ بتشكيل لجنة مكونة من زيد بن ثابت ومجموعة من القرشيين؛ لأن قريشًا أفصح العرب؛ وأرسل إلى حفصة بنت عمر بن الخطاب، رضي الله عنه وعنها، وقال لها: أرسلي لنا الصحف ننسخها ثُمَّ نعيدها إليك. فأرسلت الصحف إليه، فقال للجنة: انسخوا هذه الصحف البكرية الصديقية المنقولة من القطع النبوية (وهو المصحف لكنّه لم يكن مربوطًا بعضه مع بعض بخيط)؛ 


فقامت اللجنة بنسخ عدة نسخ منها، أرسل سيدنا عثمان؛ رضي الله عنه؛ مصحفًا إلى كلّ من الكوفة؛ والبصرة؛ والشام؛ ومكة؛ والمدينة (المصحف المدني العام)؛ واليمن؛ والبحرين (الساحل الشرقي للجزيرة العربية في زمن النبوة)؛ 


وأبقى مصحفًا في المدينة (المصحف المدني الخاص) الذي كان عنده؛ وكان يقرأ منه عندما حدثت الفتنة وقُتل رضي الله عنه؛ وسال دمه على هذا المصحف.


ظهر من علماء الأمة عالم جليل له وزنه الكبير في علم التجويد وعلم القراءات واللغة اسمه أبو عُبيد القاسم بن سلّام يقول إنَّ بعض الأمراء أصحاب الخزائن أخرجوا له المصحف المدني الخاص، ورأى فيه أثر الدّم. 


وتتبع فيه بعض الكلمات كيف كُتبَت ومن جملة هذه الكلمات كلمة «ولَاتَ حِينَ» وجدها مكتوبة (وَلَا تَحِينَ) التاء متصلة ب (حِينَ) لكن في المصاحف التي أرسلها سيدنا عثمان؛ رضي الله عنه؛ إلى الأمصار كُتبت «وَلَاتَ حِينَ» التاء مقطوعة عن (حين).


وروى الدّانيُّ (ت 444ه)؛ وهو من كبار علماء التجويد والقراءات؛ بسنده إلى أبي عُبيد القاسم بن سلاَّم (ت 224ه) (وَلا تَحينَ) التاء متصلة ب (حينَ). قال الدَّانيُّ: ولم نجد ذلك كذلك في شيءٍ من مصاحف أهل الأمصار.


ويقول الشيخ الدكتور أيمن سويد: ولا تعارض بين النقلين؛ فكلٌ روى ما رأى، والله أعلم.


وقال الإمام الجزري في النشر عن الإمام أبي عُبَيدٍ القاسم بن سلَّام عن كلمة (تَحِينَ) وهو إمام كبير وحجة في الدين وأحد الأئمة المجتهدين: مع أنِّني رأيُها، أي الإمام الجزري، أيضًا مكتوبة في المصحف الذي يُقال له الإمام؛ مصحف عثمان رضي الله عنه؛ (وَلَا) مقطوعة والتاء موصولة ب(جين) ورأيت به أثر الدّم؛ 


وتتبعت فيه ما ذكره أبو عُبَيدٍ فرأيته كذلك وهذا المصحف هو اليوم (في زمن الجزري؛ قبل 600 عام من عصرنا) بالمدرسة الفاضليّة من القاهرة المحروسة. وكلمة (وُهِّلَا) لم يكن لها داع لأنَّ فيها إضعاف لكلام أبي عُبيدِ وهو الثقة الكبير؛ وقد يكون ذكرها الجزري في بداية شبابه لأنَّه في كتابه النشر في القراءات العشر الذي ألفه عندما صار إمامًا في هذا الفن انتصر لأبي عُبَيد القاسم بن سلّام وبين إمامته وعظيم قدره.


وبيّن الجزري أنه اطلع على المصحف نفسه؛ وروى لنا أنه رأى هو أيضنًا ما رآه أبو عُبيد قبله بستة قرون؛ ثُمَّ إنَّ هذا المصحف عدت عليه عوادي الزمن من حيث التلف والحريق، وليس في عصرنا هذا ولا مصحف من المصاحف العثمانية؛ كما ذكر ذلك كبار العلماء منهم الدكتور صلاح الدين المنجد، رحمه الله؛ الذي كان مدير معهد المخطوطات العربية في القاهرة التابع لجامعة الدول العربية.


 شرح  وَزَنُوهُمْ, وَكَالُوَهُمْ

شرح  وَزَنُوهُمْ, وَكَالُوَهُمْ

وَزَنُوهُمْ, وَكَالُوَهُمُ


[َوَزَنُوهُمْ, وَكَالُوَهُمُ]: وردت هاتان الكلمتان في موضع واحد من القرآن: 

المطففين: 3

 وكتبت الكلمتان في جميع المصاحف موصولتين بدليل حذف الألف بعد الواو فيهماء فدل ذلك على أن الواو غير مقطوعة؛

فكلمة ( كَالُوهُمُ) كلمة واحدة وكذلك كلمة (وَّزَنُوهُمْ) كلمة واحدة؛ على وزن (فَعلُوهُم)؛ والضمير متصل بالفعل؛ 


قال الجزري في النشر لو كانت مفصولة لوضعوا ألف التفريق كما هو معروف في واو الجماعة. والواو في نهاية (وَزَنُوهُمْ,): من لغة العرب صلة ميم الجمع؛ بعض القبائل العربية كانت تفعله وعليه جاءت رواية قالون عن نافع وقراءة عبد الله بن كثير المكي وقراءة أبي جعفر يزيد بن القعقاع المدني.


صل


(صل): أصلها صل فعل أمر؛ وكُسرّت اللام وأشبعت كسرتها للضرورة الشعرية.


شرح ال، يا وها

شرح ال، يا وها

الْ


[الْ]: التي للتعريف، وردت بالوصل في جميع المواضع نحو قوله تعالى: 

الأحزاب: 35

يَا


[يَا]: التي للنداء، وردت موصولة في جميع المواضع نحو قوله تعالى:

البقرة: 21

 فكل ياء للنداء في القرآن العظيم لم تُكتب ألفها وكتبت موصولة بما بعدها، لكن العلماء زادوا ألقَا خنجرية صغيرة ليبينوا أنه توجد ألفٌ لا بد من نطقها، وإن لم تكن موجودة في الخط لأن العرب لا تجمع في الخط بين ألفين اختصارًا.


ها


 [ها]: التي للتنبيه؛ نحو قوله تعالى: 

ها التي للتنبيه

كُتبت موصولة بما بعدها ولم تكتب ألفها ولا يصح فصلها عن ما بعدها لا في الخط ولا في النطق.


كلمات لم يذكرها ابن الجزري؛ رحمه الله


  • [أن لو]: مقطوعة باتفاق في ثلاثة مواضع: [الأعراف: 100] [الرعد: 31]؛ [سبا: 14] ووردت مختلف فيها في موضع واحد [الجن: 16].


  • [ابْنَ أُُمّ]: مقطوعة باتفاق في قوله تعالى: 

الأعراف:150

 فيجوز الوقف على (ابْنَ) ولا يجوز الابتداء بكلمة (أم).


  • [يَبْنَؤُمَّ]: كلمة (ابْنَ) موصولة بياء النداء وبكلمة (أم) في قوله تعالى: 

طه: 94

فلا يجوز الوقف على أي جزء من أجزاء الكلمة الثلاثية لأنها متصلة رسمًا.


  • [أَيًّا مَا]: مقطوعة باتفاق في قوله تعالى: 

الإسراء: 110


  • [يومئذ] [حينئذ]: موصولة باتفاق.


  • [كأَنَّما]: موصولة باتفاق حيثما وردت.


  • [رُبَّما]: موصولة باتفاق في موضع لا ثاني له في قوله تعالى:

الحجر: 2


  • [ويكأن] [ويكأنه]: موصولة باتفاق في موضعين لا ثالث لهما: [القصص: 82].


  • [نعمًا]: موصولة في موضعين لا ثالث لهما: [البقرة: 271]؛ [النساء: 58].


  • [مهما]: موصولة باتفاق في موضع لا ثاني له: [الأعراف: 132].


  • [إِلْ يَاسِين] : من قوله تعالى: 

الصافات: 130


وردت مقطوعة رسمًا ولكن لا يجوز الوقف على «إِلْ» بدون كلمة «يَاسِينَ» لأنها وإن كانت مقطوعة رسمًا إلا أنها متصلة لفظًا.


فلا يجوز اتباع الرسم فيها وقَفًا إجماعًا. أما على قراءة من فتح الهمزة ومدها وكسر اللام (ءال) فهما كلمتان فيجوز قطعهما وقفَا اختبارًا أو اضطرارًا؛ وهذا سبب رسمها بالفصل.


المقطوع والموصول

المقطوع والموصول

المقطوع والموصول

المقطوع والموصول

المقطوع والموصول

المقطوع والموصول

ختاما


إن إتقان أحكام المقطوع والموصول يعكس عناية المسلم بالقرآن الكريم، وحرصه على أدائه كما أنزل، وفق ما ضبطه العلماء في كتب التجويد والرسم. 


لذا ينبغي لطالب العلم أن يراجع هذه المواضع بدقة، ويضبطها بالقراءة والتلقي، لتبقى ألفاظ القرآن محفوظةً وصحيحة كما نزلت على قلب النبي ﷺ.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -