أخر الاخبار

شرح متن الجزرية: باب الضاد والظاء

 يُعَدُّ باب الضاد والظاء من أهم الأبواب في علم التجويد، نظرًا لما يشهده القراء من التباس في التمييز بين الحرفين أثناء النطق. فقد خُصَّ الضاد بكونه الحرف المميز للغة العربية حتى سُميت بلغة الضاد، أما الظاء فيمتاز بصفاته الخاصة التي تجعل له نغمة مميزة في التلاوة. 

وقد أولى علماء التجويد عناية كبيرة بهذا الباب لِما فيه من دقة تحتاج إلى تدريب وتمرين اللسان، فجاء الإمام ابن الجزري في متنه الشهير ليبين أصول هذا العلم ويوضح القواعد التي تُعين القارئ على النطق السليم.


إتقان النطق: شرح باب الضاد والظاء في متن الجزرية


إتقان النطق: شرح باب الضاد والظاء في متن الجزرية


باب الضاد والظاء

أفرد الإمام ابن الجزريّ، رحمه الله. باباً للكلمات التي كُتبت بالظاء في القرآن الكريم؛ وذلك لأن عامة الناس ومنذ زمن بعيد يخلطون بين مخرجي الظاء والضاد لا سيما في القرى والبوادي؛ ولولا الخلاف بينهما لما استطعنا التمييز بين الكثير من الكلمات؛ منها على سبيل المثال: (ناضرة) و (ناظرة). 

في قوله تعالى: 

(ناضرة) و (ناظرة)


جاء ابن الجزريّ رحمه الله؛ في المئة الثامنة وضمّن منظومته هذه (منظومة المقدمة) أبياتًا حصر فيها الكلمات التي هي بالظاء؛ وهو يقول ما عداها فهو بالضاد؛ وذلك لأن الكلمات التي وردت بالضاد في القرآن الكريم أكثر من التي وردت بالظاء.

قال الناظم حمه الله:

وَالضَّادَ باسْتطَالةٍ وَمَخْرَجِ مَيِّزْ مِنَ الظَّاءِ


وَالضَّادَ باسْتطَالةٍ وَمَخْرَجِ مَيِّزْ مِنَ الظَّاءِ


والضادً


والضادً: مفعول به مقدم لمَيّزْ؛ والفاعل أنت؛ (مَيّز أنت الضاد من الظاء باستطالة ومخرج). نرى أنَّ مخرج الضاد مغاير لمخرج الظاء (إذا تغايرت المخارج لا بد أن تتغاير الأصوات). 


مخرج الضاد


فكما تقدم الكلام على مخرج الضاد وأنها من حافة اللسان اليمنى أو اليسرى أو منهما معًا مع ما يجاورها من الصفحة الداخلية للأضراس العلياء وقد انفردت الضاد بهذا المخرج؛ لا يشاركها فيه غيرها. 


مخرج الظاء


وأما مخرج الظاء: من طرف اللسان مع أطراف الثنايا العليا. لكل من الحرفين مخرج مستقل.


الصفات


وأما من حيث الصفات فالضاد متفقة مع الظاء بكل صفاتها (الاستعلاء؛ الإطباق؛ الرخاوة؛ الجهر) إلا أنها زادت عليها بالاستطالة؛ وتقدم تعريفها وبيانها.


كيف نميز بين صوتي الضاد والظاء


وقد شاع عند بعض الناس الخلط بين صوتي الضاد والظاء وزَعَمُوا أنَ هذا وجهٍ من وجوه التلاوة؛ وهذه الدعوى باطلة من عدة وجوه:


1. الضاد حرف قوي في ذاته أكثر من الظاء.


2. الضاد بها صفة الاستطالة.


3. بين المخرجين خمسة مخارج.


4. لكل حرف مخرج أفرده أئمة التلاوة كابن الجزريّ والشّاطبيّ.


5. خير دليل القراءة المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرد عنه في وجهٍِ من وجوه القراءات الخلط بينهما.


الكلمات الظائية


الكلمات الظائية

وَكُلًّهَا تَجي


وَكُلًّهَا تَجي: كل الكلمات الظائية في القرآن الكريم ستأتي الآن.


فقد قام النّاظم؛ رحمه الله؛ بحصر الكلمات التي ذكرت بالظاء في كتاب الله؛ ونذكر على سبيل المثال بعض المواضع لهذه المفردات:


الظعن


الظعن: وردت في موضع واحد: (يَوْمَ ظَعْنِكُمْ) [النحط: 80].


ظل


ظل: وردت في 33 موضعا ولكن باشتقاقاتها المختلفة (ظلًّ، ظِلالً، الظلّة)؛ أولها (وَظَلَّلْنا عَلَيَكمْ) [لبقرة: 57].


الظهر


الظهر: بضم الظاء؛ وردت في موضعين أحدهما «وَحِينَ تُظْهِرُونَ» [الروم: 18].


عًظم


عًظم: بضم العين، من العَظّمَة؛ وردت في 113 موضعا منها (وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [البقرة: 7].


الحفظ


الحفظ: وردت في 44 موضعا باشتقاقاتها (حافظوا، حافظ، حفيظ)؛ أولها (حَافِظُوا عَلى الصَّلَوَاتِ) [البقرة: 238].


أيقظَ


أيقظَ: إشارة إلى قوله تعالى (وَتحْسِبُهُمْ أَيْقَاظاً) [لكهف: 18].


وَأَنْظرْ


وَأَنْظرْ: وردت باشتقاقاتها «انظْرُونا» «يَنظُرُونَ» «انظُرْتا» من الإنْظار التأخير وليست من النظر، وردت في 22 موضعا، أولها (ولا هُمْ يَُنظَرُونَ) [البقرة: 162].


عَظْمَ


عَظْمَ: بفتح العين وهو العظم الذي تحت اللحم في جسم الإنسان وغيره؛ جاءت في 15 موضعا، أولها (وَآنْظُرْ إلى العِظامِ) [لبقرة: 259].


ظَهْرِ


ظَهْرِ: هو ظهر الإنسان وظهر الدابة؛ جاءت في 15موضعاء أولها (وَرَآء ظُهُورِهِم) [البقرة: 101].


اللفْظ


اللفْظ: إشارة إلى قوله تعالى (ما يَلْفِظُ من قَوْلٍ) [ق: 18].

ظَاهِر لَظى شُواظ كَظْم ظَلّما أغلظ ظَلامَ ظُفْرٍ انتظِرْ ظمَا

ظَاهِر


كلمة ظَاهِر: جاءت في القرآن على 6 معان:


1. ضد باطن: في 14 موضعا، أولها (وَذَرُوا ظاهر الإثْم) [الأنعام: 120].

2. بمعنى الإعانة: في 12 موضعًا، أولها (ِتَظَّاهَرُونَ عَلَيْهِم) [البقرة: 85]

3. بمعنى العلوّ: في 5 مواضع، أولها (ليُظهِرَهُ عل الدّين كُلِّه) [التوبة: 33].

4. بمعنى الاطّلاع: في 3 مواضع، أولها (لَمْ يَظْهَرُواً على عَوْرَاتِ النِّسَآء) [النور: 31].

5. بمعنى الظَّفَر: في 4 مواضع، أولها (كيف وَإن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ) [التوية: 8].

6. بمعنى الظهار: في 3 مواضع؛ أولها (الَّئى تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ) [الأحزاب: 4].


لظَى


لظَى: وردت في موضعين: (كلَّا إنَّهَا لظى) [لمعارج: 15]، (فأَنْدَرْتُكُمْ نارًا تَلَظَّى) [لليل: 14].


شُوَاظُ


شَوَاظُ: في قوله تعالى: (يرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِن نَّار) [الرحمن: 35].


كَظْم


كَظْم: في 6 مواضع أولها (آلْكَاظِمينَ آلْغَيْظَ) [آل عمران: 134].


ظلَمَا


ظلَمَا: في 289 موضعا أولها (فَتَكُونَا مِنّ الظالِمِينَ) [البقرة: 35].


اغْلُظ


اغْلُظ: من الغلظة؛ جاءت في 13 موضعا أولها (غَلِيظَ آلْقَلْبِ) [آل عمران: 159].


ظَلام


ظَلام: في 26 موضعا، أولها (في ظُلُماتٍ فهم لَّا يُبصِرُونَ) [البقرة: 17].


ظُفْر


ظُفْر: في قوله تعالى: (كُلَّ ذي ظُفْرٍ) [الأنعام: 146].


انتَظِرْ


انتَظِرْ: جاءت في 14 موضعا أولها (قُل انتَظِرُوا إنَّا مُنتظِرُونَ) [الأنعام: 158].


ظمَا


ظمَا: من الظمأ جاءت في 3 مواضع أولها (لَا يُصِيِبُهُم طَمَأٌ) [التوبة: 120].

أَظْفَر ظَنًّا كيفَ جا وَعِظْ سِوى

أَظفرَ


أَظفرَ: في قوله تعالى: (من بَعْدِ أنْ أظْفَركُمْ عَلَيْهِم) [لفتح: 24].


ظَنَا كَيْفَ جَا


ظَنَا كَيْفَ جَا: أي ظنا كيفما صُرفت (ماض؛ مضارع؛ مصدر)؛ جاءت في 69 موضعا، أولها (الَدِينَ يَظُنُّونَ أنَّهم مُلاقُواً رَبِّهِم) [البقرة: 46].


وَعِظ سِوى عضين


وَعِظ سِوى عضين: وَعِظْ: فعل أمر من وَعَظَ يَعِظُ وأنت عِظْ (من التذكير)؛ جاءت في 25 موضعا أولها (وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) [البقرة: 66].


سوى عضين


سوى عضين: في قوله تعالى: (الَّذين جَعَلُوا الفرْانَ عِضِينَ) [الحجر: 91]. وهذا اسمه استثناء منقطع لأنه، استثنى عضين من وعظ وعضين ليست مشتقة من وعظ لأن الأصل في الاستثناء أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه؛ 


كقولنا "جاء الطلاب إلا سعيدًا". أما إذا قلنا "جاء الطلاب إلا كتبهم" فهذا اسمه استثناء منقطع لأن الكتب ليست من جنس الطلاب.


وعضين تعني: أصنافًا وأعضاءً وأجزاءً؛ يصرفونه بحسب ما يهوونه؛ فمنهم من يقول: سحر ومنهم من يقول: كهانة ومنهم من يقول: مفترى إلى غير ذلك من أقوال الكفرة المكذبين به.


وقيل معنى عضين إيمانهم ببعض الكتاب وكفرهم ببعض.


ظَلَّ النَّحْلِ زُخْرُفٍ سَوَا


ظَلَّ النَّحْلِ زُخْرُفٍ سَوَا: من قوله تعالى: (ظَلَّ وَجْهْهُ مُسْوَدًّا) [النحل: 58]؛ ومن قوله تعالى: (ظَلَّ وَجْهْهُ مُسْوَدًّا)  [الزخرف: 17].


 سَوَا: يعني سواء وحُذفت الهمزة للوقف، أي أن ظل تكررت في سورتي النحل والزخرف.


وَظَلثّ ظلْتُمْ وَبِرُومِ ظٌلوا كالحِجْر

وَظَلْتَ


وَظَلْتَ: في قوله تعالى: (وَانْظُر إلى إلهك الَّذي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفًا) [طه: 97].


ظَلْتُمْ


ظَلْتُم: في قوله تعالى: (قَظَلَْثُمْ تَفَكَّهُونَ) [الواقعة: 85].


وَبِرُوم ظَلُوا كالحجْر


وَبِرُوم ظَلُوا كالحجْر: أي أن كلمة ظلوا وردت في سورتي الروم والحجر، في قوله تعالى: (لَظَلُّوا من بَعْدِهِ يَكْفْرُونَ) [لروم: 51]؛ وفي قوله: (فَظَلُّوا فيه يَعْرجُونَ) [الحجر: 14].


ظَلَّتْ شُعَرَا نَظَلُّ


ظَلَّتْ شُعَرَا نَظَلُّ: أي أنّ كلتا الكلمتين ظَلَّتْ وَنَظَلُّ وردت في سورة الشعراء؛ في قوله تعالى: (فَظَلَّتْ أَعْناقُهمْ لها خَاضِعِينَ) [الشعراء: 4]؛ وقوله تعالى: (فَنَظَلُّ لها عَاكِفِينَ) [الشعراء: 71].

يَظْلََلْنَ مَحظُوراً مَعَ المُحْتَظِرٍ وَكُنْتَ فَظاً وَجَميعَ النّظْرٍ

يَظْلََلْنَ 


يَظْلََلْنَ: في قوله تعالى: (فيَظْلََلْنَ رَوَاكِدَ) [الشورى: 33].


مَحْظُوراً


مَحْظُوراً: في قوله تعالى: (وما كَانَ عطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً) [الإسراء: 20]. والحظر هو المنع؛ أي ليس عطاء الله عزَّ وجل المادي (الصحة؛ المال؛ الأكل والشرب) ممنوعًا عن أحد بل هو لكل البشر.


مَعَ الْمُحْتَظرِ


مَعَ الْمُحْتَظرِ: في قوله تعالى: «فَكَانواً كَهَشِيم لْمُحْتَظرِ) [القمر: 31]. والمحتظر: صاحب الحظيرة التي يوضع فيها الذَّوَاب. والهشيم: النبات اليابس الذي يستعمله صاحب الحظيرة.


وَكُنتَ فَظًَا


وَكُنتَ فَظًَا: في قوله تعالى: (وَلَوْ كُنتَ فَظًَا) [آل عمران: 159].


وَجَمِيِعَ النّظر


وَجَمِيِعَ النّظر: يعني كل ما جاء من (النظر) في القرآن العظيم فهو بالظَّاء سواء كان فعلاً ماضيًا نظَرَ، أم فعل أمر انظُرْ، أم فعلًا مضارعًا ينظرون أو تنظرون. فكلها تصريفات لمادة (النظر) جاءت في 86 موضعا، أولها (وأنْتُم تَنْظُرُونَ) [البقرة: 50].

‏إلا بِوَيْلٌ هَل وَأُولَى نَاضِرهْ وَالغَيْظُ لا الرَُعدُ وَهودٌ قَاصِرَهْ

إلا بِوَيْلٌ


إلا بِوَيْلٌ: إلا: استثناء؛ ب: الباء حرف جر. وَيْلٌ: اسم مجرور محلاً مرفوع على الحكاية؛ الباء هنا لم تدخل على كلمة (ويل)؛ وإنّما دخلت على محذوف تقديره إلا ب سورة وَيْلٌ للمطففين، في قوله تعالى: (تَعْرِفُ في وُجُوهِِمْ نَضْرَةَ النَّعيمِ) [المطففين: 24].


هل


هل: وهي إشارة إلى سورة الإنسان؛ فأخذ الناظم أول كلمة من السورة (هَلْ أَتى عَلَى الإنسانِ) [الإنسان: 1] والمقصود بها في قوله تعالى: (وَلَقَّاهُمَ نَضْرَةً وَسُرُورَا) [الإنسان: 11].


وَأُولَى نَاضرَة


وَأُولَى نَاضرَة: في قوله تعالى: وجوهٌ يَوْمَئذٍ نَّاضِرَةٌ» [لقيامة: 22] بخلاف التي بعدها (إلى رَبِّهَا نَاظِرَة) [القيامة: 23]؛ لذلك قال: أولى ناضرة فالأولى بالضاد والثانية بالظاء.


هنا يُستثنى كلمة النضرة (نَضْرَة النَّعيمِ) وهي (حُسن الوجه وظهور النعمة عليه) من كلمة جميع النظر.


وقد استثنى الناظم ثلاث كلمات من جميع النظر وهي:


1- (نَضْرَةَ) في قوله تعالى: «تَعْرفُ في وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعيمِ) [المطففين: 24].

2- (نَضْرَةٍَ) في قوله تعالى: (وَلَقَّاهُمَ نَضْرَةً وَسُرُورًا) [الإنسان: 11].

3- (نَّاضِرَةٌَ) في قوله تعالى: (وْجُوهٌ يَومئذٍ نَّاضِرَةٌَ) [القيامة: 22].


وَالْغَيْظُ


وَالْغَيْظُ: جاءت في 11 موضعا، أولها (مِنّ الْغَيْظِ) [آل عمران: 119].


لا الرَّعْدُ وَهُودٌ


لا الرَّعْدُ وَهُودٌ: لا (استثناء منقطع)؛ فالغيظ بالظَّاء؛. وفي سورتي الرَّعد وهود جاءت بالضاد (غاض يغيض)؛ في قوله تعالى: (وَمَا تَغِيضُ الْأرْحَامُ) [الرعد: 8]؛ وقوله تعالى: (وَغِيضَ آلْمَآَءِ) [هرد: 44].


ومعنى تغيض: تنقص أو تسقط، ومعنى وغيض الماء: نقص الماء حتى جف.


أما الغيظ فشعور بغضب شديد، فالغيظ شيء والغيض شيء آخر.


قاصره


قاصره: يعني أن كلمة (غاض؛ يغيض) جاءت في هذين الموضعين في القرآن الكريم في سورتي (الرّعد وهود) وما عدا ذلك وردت بالظاء من الغيظ.


قاصره: أي أنها بالضاد تقتصر على هاتين السورتين فقط.


وَالحظ لا الحضٌ على الطعام وفي ظنينٍ الخلاف سَامي

والْحَظُّ


والْحَظُّ: النصيب؛ جاءت في 7 مواضع أولها (آلاَّ يَجْعلَ لهُمْ حَظًّا في آلآخِرَةِ) [آل عمران: 176].


لا الْحَضُّ على الطعام


لا الْحَضُّ على الطعام: (استثناء منقطع) الحض يعني: الحث بخلاف الحظ جاءت في 3 مواضع، أولها (ولا بِحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ) [الحاقة: 34].


وفي ظنين الخلاف سامي


وفي ظنين الخلاف سامي: كانت الصاد والضاد والطاء والظاء تُرسم بخط واحد في زمن النبوة؛ وكان التفريق بينهما بحسب السياق؛ أما من حيث الصوت المنقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس واحدًا، ومعنى وفي ظنين الخلاف سامي أي بعض القرّاء نقلوا لنا كلمة بضنين بالضاد «وَمَا هُوَ َعَلى الْغَيْبِ بِضَنِينِ» [التكوير: 24]؛ وبعضهم نقلوها لنا رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بظنين بالظاء.


وليس الخط هو السبب في جعل الناس يختلفون بالضاد وبالظاء أبدًا. وإنّما تقلت صوتيًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالضاد ولها معنى؛ وثقلت عن رسول الله صوتيًا بالظًّاء ولها معنى آخر ولا تناقض بين المعنيين.


فقوله تعالى: «وَمَا هُوَ َعَلى الْغَيْبِ بِضَنِينِ» قرأه بعضهم ومنهم حفص عن عاصم من طريق الشاطبية والطيبة بالضاد (بضنين) بمعنى بخيل. وهنا الغيب يعني الوحي، والنبي صلى الله عليه وسلم ليس على الوحي ببخيل؛ إن نزل عليه وحي فهو حريص على أن يبلغه للأمة ولا يبخل به. وقرأه آخرون بالظاء (بظنين) بمعنى مُتَهم.


وَإِنْ تلاقيا البَيانُ لازم أَنْقضَ ظَهْرَكَ يَعَضُّ الظَالِمُ

وَإن تلاقيا البِيِانْ لازمُ


وَإن تلاقيا البِيِانْ لازمُ: ألف التثنية تعود على الضاد والظاء؛ فإن تلاقيا في النطق متتاليين وجب على القارئ أن يبين أحدهما من الآخر.


مثال:


أنقضَ ظهُرَك


أنقضَ ظهُرَك: «الَّذي أَنقضَ ظهْرَكَ » [لشرح: 3]؛ تتالى في النطق ضاد بعدها ظاء يجب على تالي القرآن بيان صوت الضاد من صوت الظاء.


يَعَضُّ الظَّالمُ


يَعَضُّ الظَّالمُ: «وَيَومَ يَعَضُّ الظَّالمُ» [الفرقان: 27]؛ تتالى في النطق ضاد مشددة بعدها ظاء مشددة؛ فلا بد من بيان صوت الضاد من صوت الظاء.


وَاضْطرَّ مَعْ وَعَظْتَ مَعْ أَفضْتُمْ وَصَفُّ ها جِبَاهُهُمْ غَلَيْهِمْ

وَاضْطُرَّ


وَاضْطُرَّ: جاءت كلمة واضطر ومشتقاتها في 8 مواضع؛ أولها (ثم أَضْطَرَّهُ) [البقرة: 126] التقى في النطق ضاد بعدها طاء فلا بد من بيان صوت الضاد من صوت الطاء.


وَعَظْتَ


وَعَظْتَ: في قوله تعالى: (أَوَعَظْتَ أَمْ لم تكن مّنَ ألْوَاعِظِينَ) [الشعراء: 136] ولا بد هنا من بيان صوت الظاء من صوت التاء.


أَفضْتُمُ


أَفضْتُمُ: في موضعين: (فَإِذآ أَفضْتُمُ مُنْ عَرَفاتٍ) [البقرة: 198] (لَمَسَّكُمْ في مَآ أَفضْتُمُ فيه عَذَابٌ عَظِيمٌ) [النور: 14] ؛ فيجب بيان صوت الضاد من صوت التاء.


وَصَفِّ ها


وَصَفِّ ها: صفِّ فعل أمر من التصفية؛ والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت؛ أي انطقه صافيًا.


ها


ها: أصلها هاءً مفعول به؛ هاء جِبَاهُهُم؛ قصرها الناظم للوزن.


جِبَاهُهُم


جِبَاهُهُم: في قوله تعالى: «ِفَتُكْوى بهَا جِبَاهُهُم » [التوبة: 35]. يجب بيان صوت الهاء الأولى من صوت الهاء الثانية؛ وأن ننطق الهاء صافية ليست مشوبة بصوت آخر حلقي.


عَلَيْهِمُ


عَلَيْهِمُ: جاءت في 214 موضعا، أولها «عَلَيْهِم» [الفاتحة: 7] ؛ ولا بد من بيان صوت الهاء جليًا واضحًا حتى لا تختفي لأنها ضعيفة.


ختاما


إن باب الضاد والظاء من الأبواب التي تُظهر دقة علم التجويد وعمق عناية العلماء بحفظ كلام الله من التحريف. والتدريب على التمييز بين الحرفين ضرورة لكل قارئ للقرآن، إذ به تُصان التلاوة من الخطأ ويكتمل جمال الأداء. 

فالالتزام بما ذكره الإمام ابن الجزري في هذا الباب دليل على الحرص على إخراج الحروف من مخارجها الصحيحة، وحفظ لغة القرآن كما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -