مخرج الجوف هو أول مخرج من مخارج الحروف العربية بحسب ترتيب علماء التجويد، ويُسمّى المخرج الهوائي، لأنه يعتمد على خروج الصوت من الفراغ الداخلي في الحلق والفم دون أن يعترضه عضو ناطق محدّد.
عند النطق بحروف الجوف، يخرج الصوت من فراغ الفم والحلق دون اصطدامه بالشفتين أو اللسان أو الحلق، بل يعتمد على جريان النفس والصوت معتمدًا على هواء الزفير.
مخرج الجوف
لِلْجَوفِ أَلِفٌ وَأُخْتَاهَا وَهِيْ حُرُوفُ مَةٍ لِلهَوَاءِ تَنتَهِي
بدأ ابن الجزري منظومته بالكلام على حروف المد الثلاثة وأنها تخرج من الجوف وهو التجويف الحلقي والفموي وأنها حروف مد ولين تنتهي للهواء بمعنى ليس ثمة حاجز في طريقها.
فلو انقفل الوتران الصوتيان وانقطع الصوت عندها فعندئذ تخرج همزة.
الجوف
الجوف: هو الخلاء الممتد من الحنجرة حتى الشفتين، ويضم تجويف الحلق وتجويف الفم ومخرجه مقدّر لأنه لا شيء يقطع طريق خروج الصوت.
لمادا قلنا مخرجها مقدر؟
س: لم قلنا مخرجها مقدر؟
ج: لأنه لا ينتهي عند مكان محقق.
وهذا رأي ابن الجزري. للجوف ألف وردت في مخطوطات (فألف الجوف) وكلاهما معناه صحيح. وهي الألف الساكنة المفتوح ما قبلها، والألف لا تكون إلا ساكنة ولا يكون ما قبلها إلا مفتوحًا.
وَأَحْتَاهَا وَهِي
وَأَحْتَاهَا وَهِي: وهما الواو الساكنة المضموم ما قبلها، والياء الساكنة المكسور ما قبلها،
وتخرجان أيضًا من الجوف.
حُرُوفُ مَدٍ لِلهَوَاءِ تَنتَهى
حُرُوفُ مَدٍ لِلهَوَاءِ تَنتَهى: أي أن هذه الأحرف الثلاثة تنتهي للهواء بمعنى ليس ثمة حاجز ينتهي الصوت عنده أو ينبتر بل يتلاشى الصوت ويتخامد.
مخرج الجوف وهو مخرج واحد لحروف المد الثلاثة
1. مخرج الجوف
1. مخرج الجوف وهو مخرج واحد لحروف المد الثلاثة:
- الألف المدية: الألف الساكنة المفتوح ما قبلها.
- الواو المدية: الواو الساكنة المضموم ما قبلها.
- الياء المدية: الياء الساكنة المكسور ما قبلها.
الألف المدية
الألف المدية: تخرج باهتزاز الوترين الصوتيين، ويكون اللسان في وضع الراحة والفم مفتوحًا شاقوليًا من غير مبالغة. (لا)
الواو المدية
الواو المدية: تخرج باهتزاز الوترين الصوتيين، ويكون أقصى اللسان مرتفعا والشفتان مضمومتين ممدودتين للأمام. (أو)
الياء المدية
الياء المدية: تخرج باهتزاز الوترين الصوتيين، ويكون وسط اللسان مرتفعًا باتجاه قبة الحنك مع انخفاض الفك السفلي، والشفتان لا عمل لهما. (إي)
.webp "حروف المد الثلاثة")
ملاحظة: الفرق بين الواو المدية وحروف الاستعلاء:
يرتفع أقصى اللسان عند نطق الواو وعند النطق بحروف الاستعلاء، لكن الفرق بينهما هو أن وسط اللسان عند النطق بالواو لا يتقعر ولا ينضغط الصوت إلى قبة الحنك الأعلى، بل ينحدر انحدارًا للأمام والأسفل، بينما وسط اللسان في حروف الاستعلاء يتقعر، وينضغط الصوت إلى قبة الحنك الأعلى.
ملاحظة: تتأثر الألف المدية بما جاورها تفخيمًا وترقيقا ولا تتأثر الواو والياء المديتان، لأن الواو المدية يشاركها مخرج الواو غير المدية، والياء المدية يشركها مخرج الياء، غير المدية، أما الألف فلا يشركها مخرج أي حرف لذا تتأثر بما جاورها تفخيمًا وترقيقًا.
لمادا سميت حروف المد واللين؟
تسمى حروف المد واللين سميت حروف المد لأن لها قابلية المد والمط والتطويل.
وسميت حروف اللين لأنها تخرج بيسر ولطف ولين من غير كلفة على اللسان لاتساع مخرجها. فإن المخرج إذا اتسع انتشر الصوت وامتد ،ولان، وإذا ضاق المخرج انضغط فيه الصوت وصلب.
لمادا سميت هوائية؟
سميت هوائية لانتشار هوائها في الفم حال النطق بها، حتى تمر على المخارج فتنتهي بالهواء.
لمادا سميت جوفية؟
سميت جوفية لخروجها من الجوف لأن الجوف آخر انقطاع مخرجها.
تنبيه: نسبت حروف المد إلى المجرى الصوتي كله (الجوف) لأنها تخرج بأقل انضغاط للصوت:
- فيكون اللسان في وضع الراحة في الألف.
- ويرتفع وسطه في الياء.
- ويرتفع أقصاه في الواو مع انضمام الشفتين فيها.
ونسبت الواو والياء غير المديتين إلى مخرجيهما لأن انضغاط الصوت فيهما أكثر منه في المديتين.
ما هي آليات تصحيح مخرج حروف الجوف؟
آليات تساعد في تصحيح مخرج حروف الجوف:
الألف
الألف:
- التأكد من فتح ما بين اللحيين بوضع الشاهدين بمحاذاة النتوءة الغضروفية عند فتحة الأذن حيث ملتقى الفكين والانتباه لحركة الفتح فيهما.
- التأكد من انطلاق الصوت من الحنجرة وذلك بإسقاط أقصى اللسان وباقي اللسان سيتبع.
- الدفع بالصوت إلى خارج الفم وأثر ذلك أنه لا يبقى صدى في الفم.
الواو
الواو:
- ضم الشفتين ضما تاما متوازيًا.
- ترك فرجة ضيقة بينها.
- إسقاط مقدم اللسان والحرص على توسيع المجرى بداخل الفم أي الفراغ المسامت لكل من الحلق والفم.
- الدفع بالصوت بحيث لا يبقى صدى في الفم.
الياء
الياء:
- تحقيق مخرج الياء بتقويس اللسان كالجبل موجهًا إلى غار الحنك الأعلى.
- الدفع بالصوت والتأكد من خروجه تامًا من الفم إلى الخارج بلا صدى متروك في الفم.
يتبع حديثنا عن مخارج الجوف الحديث عن إتمام الحركات:
إتمام الحركات
هذا البحث من أهم مباحث التجويد لتعلقه بجميع الحروف، فبما أن الضمة واو قصيرة، والكسرة ياء قصيرة، والفتحة ألف قصيرة فإن صوت الحركات مطابق لصوت أصولها من حروف المد إلا أنه أقصر زمنًا:
- يجب على القارئ أن يفتح فمه بالحرف المفتوح كهيئته عند النطق بالألف.
- ويجب أن يضم شفتيه عند النطق بالحرف المضموم كهيئتهما عند النطق بالواو.
- ويجب عليه أن يخفض فكه السفلي ويرفع وسط لسانه عند النطق بالحرف المكسور كهيئته عند النطق بالياء.
- أما الحرف الساكن فيخرج من مخرجه الأصلي دون أن يصاحبه شيء مما سبق.
كيف ننطق حرف متحرك؟
فعند نطق حرف متحرك نقوم بعملين:
- نخرج الحرف من مخرجه الأصلي من غير تطويل زائد لزمنه.
- ويصاحب ذلك، مباشرة، مخرج أصل الحركة.
كيف نصل إلى إتمام الحركات؟
ونصل إلى إتمام الحركات على الوجه الأكمل بما يلي:
- عند نطق إِنَّكُمْ مثلا، لا بدّ من ضم الكاف كما لو كانت مجردة نقول مثلا (ك).
- مد الحركة حتى يتولد منها حرفها، فمثلا (إنكوووم)، فإن وافق صوت الضمة هنا صوت الواو فالإتمام صحيح.
تنبيهات
- إتمام الحركات لا يكون في أواخر الكلمات فقط، وإنما في أولها ووسطها أيضًا:
(مِنْ بَعْدِ، السِّجْنُ، يُخْفُونَ) .
- الانتباه إلى الحركة وعدم اختلاس زمنها وتحقيق مخرجها، وأيضا الانتباه إلى الحرف المدي وإعطاؤه زمن المد فيه وهو حركتان حسب سرعة القراءة.
- تمكين الحركة وما جانسها حال تجاورهما في المواضع الآتية:
- إذا جاء بعد الحركة حرف مجانس لها مثل: ﴿نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ، وَلِيَ دِين
- إذا جاء بعد الحرف المدي حرف مجانس له مثل: ﴿ءَامَنُوا وَعَمِلُوا، فِي يُوسُفَ.
- تتجلى مهارة القارئ عند توالي الحركات مع السكون مثل : (تُبْتُمْ)، (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ)، (قَالُوا ادْعُ لَنَا).
- لا بد من مراعاة عدم توليد حروف من الحركات عند إتمامها وإشباعها بحرف مشابه للحركة كُنتُم (كونتم).
منظومة الطيبي المسماة المفيد في التجويد
وقد ذكر ذلك العلامة الشيخ أحمد الطيبي في منظومته المسماة المفيد في التجويد:
وَكُلُّ مَضْمُومٍ فَلَنْ يَتِمَّا إِلَّا بِضم الشَّفَتَيْنِ ضَمَّا
وَذُو انْخِفَاضٍ بِالْخِفَاضٍ لِلْفَمِ يَتِمُّ، وَالْمَفْتُوحُ بِالْفَتْحِ افْهَمِ
إِذِ الْحُرُوفُ إِنْ تَكُنْ مُحرَّكَة يَشْرَكُهَا مَخْرَجُ أَصْلِ الْحَرَكَة
أَي مَخْرَجُ الْوَاوِ وَمَخْرَجُ الْأَلِفْ وَالْيَاءُ فِي مَخْرَجِهَا الَّذِي عُرِفْ
فَإِنْ تَرَ الْقَارِئَ لَنْ تَنْطَبِقا شِفَاهُهُ بِالضَّمِّ كُنْ مُحَقِّقًا
بِأَنَّهُ مُنْتَقِصُ مَا ضَمَّا وَالْوَاجِبُ النُّطْقُ بِهِ مُتَمَّا
كَذَاكَ ذُو فَتْحِ وَذُو كَسْرِ يَجِبْ إِثْمَامُ كُلِّ مِنْهُمَا افْهَمْهُ تُصِبْ
ختاما
مخرج الجوف يُعدّ من أهم المخارج العامة للحروف في علم التجويد، إذ يمثل المصدر الأساسي لحروف المد الثلاثة التي تمنح التلاوة جمالها وامتدادها الصوتي المميز.
وهو مخرج هوائي يعتمد على الفراغ الداخلي الممتد من الحلق إلى الفم، بحيث يخرج الصوت دون أن يعترضه أي عضو ناطق، مما يمنح الحروف صفاءً وانسيابية في النطق.
ويكتسب هذا المخرج أهمية خاصة في ضبط مخارج الحروف وتحقيق التجويد الصحيح، لأن أي خلل فيه يؤثر مباشرة على وضوح الحروف وتمييزها، خاصة عند التلاوة أو القراءة المجوّدة.
شرفنا بوضع تعليقك هنا، وعند أي استفسار سيتم الرد عليك بأسرع وقت ممكن بإذن الله.